lundi 3 novembre 2025

شرح نص خرق العادات - ثالثة ثانوي آداب - الشعر الأندلسي

شرح قصيدة خرق العادات

التقديم:

قصيدة غزلية مقتطفة من ديوان الشاعر الأندلسي ابن زيدون، وُلد سنة 394 هـ بقرطبة وتوفي سنة 463 هـ. يُعدّ من أبرز شعراء الأندلس، تميز شعره بعذوبة الألفاظ وصدق العاطفة وجمال الصور.
يندرج هذا النص ضمن الغزل الأندلسي الذي عبّر فيه الشعراء عن الهيام والعشق، وجسّدوا فيه صراع العاشق بين الإعجاب والمعاناة.

موضوع النص:

يصف الشاعر جمال المرأة المحبوبة وصفًا يجمع بين الدقّة والمبالغة، مبرزًا تأثيره القوي في نفسه إلى حدّ فقدان التوازن بين العقل والعاطفة، فيكشف النص عن تجربة عشقية عميقة يتجلّى فيها الوله، والإعجاب، واللوعة.

التقسيم:

يمكن تقسيم النص إلى قسمين أساسيين:

  1. من البيت الأول إلى الثالث: وصف المرأة وتشبيهها بعناصر من الطبيعة المضيئة (الشمس، البدر ...).

  2. من البيت الرابع إلى الأخير: انتقال الشاعر إلى مخاطبة محبوبته، معبّرًا عن تأثره الشديد بها ومعاناته من صدّها.

الإجابة عن الأسئلة :

الفهم :

الإخبار والخطاب

1- يتدرّج المتكلّم من الإخبار إلى الخطاب:
في البداية يصف المرأة وصفًا موضوعيًا عن بُعدٍ، كأنّه يخبر عن جمالها دون أن يوجّه الكلام إليها مباشرة، ثمّ ينتقل تدريجيًا إلى مخاطبتها مباشرة بكاف الخطاب (لكِ، عنكِ...)، فيتحوّل الخطاب من الغياب إلى الحضور، ومن الوصف إلى التفاعل العاطفي.
🔸 هذا التدرّج يُعبّر عن تزايد تأثر الشاعر بعاطفة الحبّ وانتقاله من التأمّل إلى الانفعال المباشر.

وصف وتوقيع

2- في الأبيات الثلاثة الأولى، يوظّف الشاعر حقلًا معجميًا يرتبط بـ الجمال والأنوثة والطبيعة مثل: الشمس، البدر، القضيب، الوجنة، الخجل...
🔸 قيمة هذا الحقل في بناء المعنى الغزلي أنّه يُشبّه المرأة بعناصر الطبيعة المضيئة والراقية، فيجعلها كائنًا سماويًا يفوق البشر، وهو بذلك يُعبّر عن إعجابه وافتتانه الشديد بها.

3- الاستفهام في البيتين الأوّلين ليس لطلب الجواب، بل هو استفهام إنكاري/تعجّبي يُبرز انبهار الشاعر بجمال المرأة واستغرابه من فرط حسنها الذي خرق المألوف والعادات.
أما الإثبات في البيت الثالث، فيأتي ليدعم هذا الانبهار ويؤكّد أنّ جمالها لا يُقارن، فيربط الشاعر بين الاستفهام (التعجب) والإثبات (الإقرار بالجمال الفائق).

4-

يستعمل الشاعر الموازنة بين عناصر الطبيعة والمرأة:

  • الشمس والبدر 🔁 وجهها المشرق

  • قضيب البان 🔁 جسمها الممشوق
    🔸 هذه الموازنات تُضفي تناغمًا صوتيًا ومعنويًا، وتثري الإيقاع الداخلي للنص من خلال المقابلات بين النور والظل، وبين الطبيعة والإنسان، مما يُبرز براعة الشاعر في تصوير الجمال.

العاشق والمعشوق

5- من الأساليب المستعملة:

  • التشبيه: (كالقمر، كالبدر، كقضيب البان)

  • الاستعارة: (قاتل لي بالتجني)

  • الطباق والمقابلة: (الصفح/السقم، الحسن/القتل)
    🔸 هذه الأساليب تُظهر تقلّب مشاعر العاشق بين الإعجاب والشكوى، بين الشوق والعذاب، وتعبّر عن صراع داخلي بين الحبّ والألم.

6- العلاقة تقوم على الافتتان والهيام من جهة العاشق، والصدّ والتمنّع من جهة المعشوقة.
🔸 فهي سيّدة الموقف بجمالها وجفائها، وهو الضحية لعذوبتها وقسوتها معًا.
🔸 هذه العلاقة تُجسّد ثنائية العشق والمعاناة التي تُميّز الغزل الأندلسي.

التوظيف :

يقول ابن طباطبا إنّ شعراء الأندلس تأثّروا بمن سبقهم من المشرق، فلم يجدوا في المعاني الغزلية مجالاً واسعًا للإبداع، لأنّ القدماء استنفدوا جلّ الصور البديعة.
ومع ذلك، فإنّ ابن زيدون أعاد توظيف هذه التقاليد بأسلوبه الخاص:

  • لم يأتِ بمعانٍ جديدة في جوهرها، بل جدّد في طريقة التعبير عنها.

  • استخدم أساليب الموازنة والمقابلة والتشبيه البديع التي أكسبت صوره رشاقة وأصالة أندلسية.

  • مزج بين الرقة المشرقية والحسية الأندلسية، فعبّر عن تجربة شخصية فيها صدق الشعور وجمال الصياغة.

🔸 إذن، توظيفه يندرج ضمن ما سماه النقاد “الاحتفاظ بالقديم مع إضافة مسحة من الطرافة والخصوصية الفنية”.

التقويم :

هذا النصّ لا يختلف كثيرًا عن مقاطع النسيب في الشعر العربي القديم من حيث الموضوع (وصف المرأة، التغزّل بجمالها، شكوى العاشق)، لكنه يتميّز ببعض الخصائص الأندلسية، أهمّها:

  1. دقّة الوصف ورقّة الصورة المستوحاة من طبيعة الأندلس الخلّابة.

  2. الواقعية والعاطفة الصادقة التي جعلت التجربة أقرب إلى الإحساس الإنساني منها إلى التكلّف التقليدي.

  3. تنوّع الإيقاع الداخلي بفضل الموازنات والتوازي الصوتي والمعنوي.

🔸 خلاصة القول:
نصّ ابن زيدون يجمع بين وفائه لتقاليد الغزل العربي القديم وبين تميّزه بطابع أندلسي يجدد في الشكل والأسلوب دون أن يقطع مع الموروث.



0 commentaires

Enregistrer un commentaire