mardi 4 novembre 2025

شرح نص الجبل - ثالثة ثانوي آداب - الشعر الأندلسي

شرح قصيدة الجبل

التقديم :

قصيدة «الجبل» للشاعر الأندلسي ابن خفاجة نصّ وصفي تأمّلي، يصوّر فيه الشاعر مشهد سفر ليلي في الفلاة ينتهي بلقاء الجبل ومخاطبته. تتحوّل الجبال في هذا النص إلى كائن حيّ يبوح للشاعر بسِرّ ثباته وتجربته مع الزمن، فيستغل الشاعر هذا الحوار ليعبّر عن وحدته وحنينه وقلقه الوجودي.

الموضوع :

يتناول الشاعر في هذه القصيدة رحلة ليلية شاقة يمرّ فيها بالفيافي الموحشة حتى يلتقي بالجبل العظيم، فيتأمّله ويخاطبه، ويرى فيه رمزًا للثبات والصبر وطول التجربة. ينتهي النص بتذكّر الشاعر لأصحابٍ رحلوا وتركوه وحيدًا، فيستخلص من الجبل عبرة عن مصير الإنسان ووحدة الطريق في الحياة.

التقسيم :

  1. الارتحال ومشاقّ السير في الفيافي (من بداية القصيدة إلى وصف الليل والظلام)

    • وصف الطريق الوعر ووحدة الشاعر في سفره الليلي.

    • إبراز مشاهد الفيافي والليل الطويل الموحش.

  2. اكتشاف الجبل ووصفه وحواره (من ظهور الجبل إلى الحديث عن شكله وهيبته)

    • تشخيص الجبل وإضفاء صفات الإنسان عليه.

    • إظهاره ككائن عاقل مفكّر، صامت في الظاهر، ناطق بالعبرة.

  3. تأمّل الشاعر في مصيره ومصير أصحابه (الختام: ذكر الراحلين والحنين إليهم والدعاء)

    • استحضار رفقاء السفر الذين مضوا وتركوا أثرًا في نفسه.

    • استخلاص العبرة من ثبات الجبل وفناء الإنسان والتعبير عن الوحدة والحنين.

الإجابة عن الأسئلة :

الفهم :

اتساق النص

1- تتبّع تغير المتكلّم والمخاطَب من قسم إلى آخر في القصيدة، وبيّن أثره في وضعية التلفّظ.
يتنقّل الشاعر في القصيدة بين ضمير المتكلّم حين يحكي تجربة السفر ووحدته، وضمير المخاطَب حين يوجّه كلامه إلى الجبل. فيبدأ بوصف حاله هو، ثم يتحوّل إلى خطاب الجبل كأنّه إنسان يسمعه ويردّ عليه. هذا التغيّر يجعل وضعية التلفّظ حيّة متحرّكة، إذ يحوّل الجبل من منظر طبيعي ساكن إلى مخاطَب حيّ يشاركه همومه وأفكاره.

2- القصيدة من الشعر القصصي. استخرج مقومات القصة فيها وبيّن دورها في بنائها.
في القصيدة عناصر قصصية واضحة:
بداية: خروج الشاعر في رحلة ليلية عبر الفيافي والجبال.
حدث مركزي: لقاء الجبل والوقوف عنده وتأمّله ومخاطبته.
نهاية: رجوع الشاعر إلى نفسه، مستخلصًا العبرة ومتحسّرًا على فراق أصحابه.
تجعل هذه العناصر النصّ قريبًا من القصة، فيتحوّل الوصف والتأمّل إلى حكاية رمزية عن رحلة الإنسان في الحياة وما يلقاه فيها من وحدة وتجربة.

وجود دال

3- أيّ صورة تخيّل الشاعر للجبل؟ وعلى ماذا اعتمد في صياغتها والتعبير عنها؟
تخيّل الشاعر الجبل في صورة كائن عاقل حيّ، شديد العظمة، ثابت الجأش، كأنّه يفكّر في العواقب ويراقب مرّ الليالي والدهور. اعتمد في رسم هذه الصورة على التشخيص بإعطائه صفات الإنسان، وعلى أوصاف حسّية وبصرية دقيقة تبرز علوّه وشموخه وانغراسه في الأرض وارتفاعه في السماء، فغدا الجبل رمزًا للقوّة والثبات.

4- علامَ يدور مضمون خطاب الجبل؟ وهل من صلة بينه وبين خطاب التأمّلات والأفكار؟
يدور مضمون خطاب الجبل حول التجربة الطويلة مع الزمان وما شاهد من رحيل الناس واحدًا بعد آخر، حتى لم يبقَ منهم إلا الذكريات. يتحدّث الجبل عن كونه ملجأً للعابرين ثمّ يطويهم الموت وتفرّقهم النوى. ويتّصل هذا الخطاب بخطاب التأمّلات، لأن الشاعر من خلال كلام الجبل إنّما يعبّر عن أفكاره هو حول الفناء والوحدة، فيجعل من الجبل لسانًا لحيرته وقلقه.

إنسان يستدل

5- ما العبرة التي أفادها الشاعر من تأمّلات الجبل؟ وهل تجد فيها دليلاً على تفاعل الذات مع الوجود الطبيعي؟
العبرة التي يستخلصها الشاعر هي أنّ الإنسان فانٍ والجبل باقٍ، وأنّ من مرّوا قبله من رفقاء السفر قد ابتلعتهم يد الردى ولم يبق منهم إلا الأثر. يتعلّم من الجبل معنى الصبر والثبات أمام تقلّبات الحياة، ويدرك أنّ مصير الإنسان الرحيل مهما طال المقام. وهذه العبرة دليل واضح على تفاعل الذات الشاعرة مع الوجود الطبيعي، إذ تجعل من الجبل شريكًا لها في التفكير واكتشاف معنى الوجود.

6- «سَلِي بما أبكى وسَرَى بما شَجى» ما جهة القول المستعملة في التعبير عن هذا الموقف؟ وما مقصد المتكلّم من ذلك؟
الجهة في هذا القول هي جهة الإثبات والتأكيد، لأنّ الشاعر يقرّر حزنه وسهره وحرقة شوقه من غير تردّد أو شكّ. أمّا مقصده فهو إظهار صدق تجربته الوجدانية، فهو لا يبكي عبثًا ولا يسهر بلا سبب، بل لأنّ ما عاناه في سفره من فراق ووحدة قد ملأ قلبه ألمًا، فجاء هذا القول تأكيدًا على عمق إحساسه.

التقويم :

* هل ترى ذكر الارتحال ومشاقّ الأسفار مدخلاً مناسبًا في هذه القصيدة؟ علّل جوابك.
نعم، لأنّ ذكر الارتحال ومشاقّ الأسفار يمهّد لظهور الجبل في النصّ، فالسفر هو الذي قاد الشاعر إلى هذا الموطن المنعزل وإلى لحظة اللقاء بالجبل. بهذا يصبح الارتحال إطارًا سرديًّا يبرّر التأمّل والحوار مع الطبيعة، ويمنح القصيدة حركة وزمنًا، فلا تبقى مجرّد وصف جامد للجبال.

* هل تجد في مضمون القصيدة ومبانيها ما يدعم القول بأن ابن خفاجة بلغ بالشعر الأندلسي أعلى مراتب الجودة؟ علّل جوابك.
نعم، فالقصيدة تظهر براعة ابن خفاجة في:
التصوير: صور الجبل والليل والسفر دقيقة حيّة مليئة بالحركة واللون.
الرمز والتشخيص: الجبل رمز للثبات والتجربة، يتكلّم وينصح ويذكّر بالمآل.
اللغة والموسيقى: ألفاظ سهلة رشيقة، وإيقاع منسجم مع جوّ السفر والتأمّل.
كلّ ذلك يدلّ على أنّ الشاعر بلغ بالشعر الأندلسي مرتبة عالية من النضج الفني والعمق الفكري.

الاحتفاظ ب : جهات القول

كلّ قول يُنجزه المتكلّم يحمل في طيّاته حكمًا على نفسه أو على غيره، وهذا الحكم يسمّى في البلاغة جهةً. قد تكون الجهة إثباتًا أو تأكيدًا أو تقويمًا أو تشكيكًا. وفي قصيدة «الجبل» يغلب على أقوال الشاعر جهة الإثبات والتأكيد، إذ يقرّر ثبات الجبل، وفناء الرفاق، ووحدته هو في سفره، ممّا يمنح النصّ انسجامًا واتساقًا ويكشف عن صدق التجربة الشعورية عنده.

التوظيف :

الطبيعة الرمز

لا يكتفي الشاعر الأندلسي، وفي مقدّمتهم ابن خفاجة، بالتفنّن في وصف الطبيعة من جبال وأنهار وأشجار، بل يتجاوز ذلك إلى تحويل عناصرها إلى رموز يعبّر من خلالها عن همومه وأفكاره. فالجبل في هذه القصيدة ليس مجرّد كتلة صخرية، بل هو رمز للثبات والصبر وطول التجربة، والحديث معه حديث عن الزمن والمصير الإنساني. وبذلك تكشف القصيدة عن خصوصية الأدب الأندلسي الذي مزج بين جمال الطبيعة وعمق التأمّل الوجداني، وجعل من الجبل مرآةً لروح الشاعر وحوارًا بين الإنسان والكون.

0 commentaires

Enregistrer un commentaire