شرح قصيدة هوى الغواني
التقديم :
قصيدة «هوى الغواني» للشاعر الأندلسي ابن الأبار، وهي قطعة من الغزل الأندلسي نُظمت في وصف امرأة فاتنة يمتزج جمالها بجمال الطبيعة. يغلب على النص الطابع الغنائي، إذ يعبّر الشاعر عن حبّه الشديد لحبيبته وما يلقاه من لذّة وحرمان في آن واحد، في إطار بيئة أندلسية بهيجة.
الموضوع :
يتغزّل الشاعر بمحبوبته، فيصف محاسنها الحسية والمعنوية من خلال تشبيهها بعناصر الطبيعة (الياسمين، النرجس، السوسن، المرج...)، ثم ينتقل إلى الحديث عن علاقته بها وما يعانيه من خضوع وذلّ بسبب شدّة هواه وقسوة قلبها، فيجعل من «هوى الغواني» سبباً لكل هوان.
التقسيم :
-
وصف جمال المحبوبة (من مطلع القصيدة إلى نحو البيت السادس)
- تشبيه ملامحها بعناصر الطبيعة: الياسمين، النرجس، السوسن، المرج...
- إبراز تناسق محاسنها وقوة سحرها.
-
وصف العلاقة بين الشاعر ومحبوبته (من البيت السابع إلى نهاية القصيدة)
- إظهار خضوع العاشق وذلّه أمام جمالها.
- التأكيد على أن هوى الغواني سبب الهوان والحرمان.
الإجابة عن الأسئلة :
الفهم :
المتكلم والمخاطب
1- استخرج من النص ما يدل على توجه المتكلم فيه إلى مخاطب معيّن.
المتكلم هو العاشق، والمخاطَب غير مباشر هي المحبوبة التي يتحدّث عنها بضمير الغائبة ويصف محاسنها، مثل قوله: «بأبي التي قرنت محاسن» و«لو أنّ سود جفونها بيضاً…». هذه الألفاظ تدلّ على أنّه يوجّه كلامه إلى امرأة معيّنة في ذهنه.
نظام النص
2- النص مقطعان أحدهما في تصوير الشاعر للمعشوقة والثاني في وصف العلاقة بينهما. حدّد المقطعين وبيّن العلاقة بينهما.
– المقطع الأول: من بداية القصيدة إلى الأبيات التي يكثر فيها وصف الوجه والعين والأنامل… وفيه يركّز الشاعر على جمال المحبوبة ومحاسنها المتشابكة مع عناصر الطبيعة.
– المقطع الثاني: من الأبيات التي يبدأ فيها بذكر نفسه وحاله معها إلى نهاية القصيدة، وفيه يتحدّث عن حال العاشق وما يلاقيه من حرمان وهوان في حبّها.
العلاقة بين المقطعين هي انتقال من الوصف الخارجي (جمال المرأة) إلى الوصف الداخلي (حالة العاشق وعلاقته بها)، أي من تصوير موضوع الحبّ إلى تصوير تجربة الحبّ.
أساليب الوصف والتعبير
3- استخرج الموصوف من المرأة وعناصر الطبيعة الموظّفة في الوصف.
– الموصوف من المرأة: محاسنها عامة، ابتسامتها، عيناها، أناملها، جفونها، قلبها…
– عناصر الطبيعة: الياسمين، النرجس، السوسن، المرج، شقائق النعمان…
يوظّف الشاعر هذه العناصر ليقارن بين جمال الطبيعة وجمال المرأة فيجعلها كأنّها زهرة بين الزهور بل أجمل منها.
4- بيّن العلاقة بين المحب والمحبوبة مبرزاً أساليب الشاعر في تصويرها.
العلاقة بينهما علاقة افتتان وخضوع من طرف العاشق، وقَسوة وتمنّع من طرف المحبوبة؛ فهو أسير هواها، وهي لا تبادله نفس الشعور. وقد صوّر الشاعر هذه العلاقة بواسطة:
- الصور البيانية والتشبيهات التي تُظهر قوة سحرها وسلطان جمالها.
- الألفاظ الدالّة على الذلّ والهوان والحرمان في مقابل قوّتها وتجبّرها.
- المبالغة في تأثير نظراتها وجفونها على قلبه وعقله.
5- بيّن دور أساليب الإنشاء (في الجزء الثاني من النص) في تأدية المعاني الغزلية.
اعتمد الشاعر في الجزء الثاني على أساليب إنشائية مثل التعجّب («يا عجبا»)، والقسم («تالله»)، والنداء، ممّا ساعد على:
- إبراز شدّة انفعال العاشق واضطرابه النفسي.
- تجسيد حرارة العاطفة وقوّة التأثّر بهوى الغواني.
- إضفاء طابع غنائي مباشر يجعل القارئ يشارك العاشق مشاعره.
التقويم :
يقول الشاعر: «فإذا تعدّد عُذْرَةُ عُشّاقِها / كنتُ المقدَّم في أخيرِ زمانِ» – هل تجد في هذه القطعة ما يبرّر تفوّق الشاعر على العشّاق العذريّين؟
نعم، فالشاعر يقدّم نفسه أشدّ العاشقين خضوعاً وتأثّراً بمحبوبته، ويجمع في غزله بين:
- صدق العاطفة وعمق الألم كما في الغزل العذري.
- رقة التعبير ورهافة الصور الفنية وامتزاج الحبّ بالطبيعة، وهي خصائص الغزل الأندلسي الحضري.
بهذا الأسلوب الطريف في تصوير الهوى، وبجمعه بين العذوبة الفنية وحرارة الشعور، يحقّ له أن يدّعي أنّه «المقدّم» بين عشّاق زمانه، بل وأنّه تفوق على العشاق العذريين في دقّة التصوير وجمالية التعبير.
الاحتفاظ ب : الغنائية وجمال الأندلس
تكشف هذه القصيدة عن غنائية واضحة من خلال حضور صوت العاشق وانفعاله المتدفّق، كما تعكس جمال الأندلس بما فيها من زهور ومرج وياسمين وسوسن. فالمرأة لا تنفصل عن الطبيعة، بل تبدو جزءاً منها، فيصبح الجمال مضاعفاً: جمال الطبيعة وحسن النساء معاً، وهو من أبرز سمات الغزل الأندلسي.
التوظيف :
حلّل الأبيات الآتية مبيّناً أوجه الطرافة في المعاني وكيفية التعبير عنها:
«ومن العجائب أن يدلّ على الهوى
ما يُستدلّ به على السَّلْوانِ
عكسُ الحقائق في الهوى متعارَفٌ
فتَرى الأسودَ قنائصَ الغِزلانِ
ولقد نظرتُ فلم أجد أقوى على
غصبِ النُّهى من فاترِ الأجفانِ»
التحليل:
تظهر طرافة هذه الأبيات في قلب المعاني المألوفة وعكس الحقائق:
- فما يُعرف عادةً أنّه دليل على النسيان يصبح في الحبّ دليلاً على شدّة الهوى.
- يجعل الأسود (القوي) صيداً لـالغزلان (الضعيفة)، فيُبدّل الأدوار ليدلّ على أن الجمال سلاح يقهر القوة.
- يبيّن أنّ أجفان المرأة الرخوة هي أقوى ما يسلب العقول ويغصب النُّهى.
أمّا التعبير فامتاز باستعمال المقابلة (الهوى/السلوى – الأسود/الغزلان)، وبالصور الاستعارية التي جعلت من الجمال قوّة قاهرة، فازداد المعنى طرافة وجمالاً.

0 commentaires
Enregistrer un commentaire