شرح قصيدة وصف النهر
التقديم :
يتكوّن هذا النص من أربع مقاطع شعرية لشاعرين أندلسيين هما ابن خفاجة وابن العطّار، تندرج ضمن محور الطبيعة في الشعر الأندلسي. يتغنّى الشعراء فيها بجمال النهر الأندلسي وصفاء مائه وما يحيط به من خضرة وأزهار وأفياء، في إطار رؤية جمالية تجعل الطبيعة مجالاً للبهجة والراحة والانفعال الوجداني.
الموضوع :
يصف الشعراء في هذه المقاطع جمال النهر وما حوله من حدائق وأشجار وظلال، مبرزين صفاء الماء ولمعان الأصيل على سطحه، وانعكاس ألوان السماء والغصون فيه، كما يكشفون عن علاقة العاشق الأندلسي بطبيعته، إذ تتداخل مشاهد الماء والخضرة مع مشاعر الإعجاب والأنس والمتعة.
التقسيم :
-
القطعة الأولى لابن خفاجة: (لله نهر سال في باء...)
- وصف دقيق لصفاء النهر وتشبيه مائه بالفضّة والذهب والعين الزرقاء.
-
القطعتان الثانية والثالثة: (عبرنا سماء النهر... لله بهجة منزه...)
- إبراز علاقة النهر بما يجاوره من ظلال الأشجار وبرود الظلال، وصور الدرع والسيف في انعكاس الضوء على سطح الماء.
-
القطعة الرابعة: (مررنا بشط النهر بين حدائق...)
- إبراز النهر وسط الحدائق والأزهار، مع وصف دقيق لحركة النسيم والحباب فوق صفحة الماء.
الإجابة عن الأسئلة :
الفهم :
نظام الوصف
1- استخرج من القطع ما يدلّ على أن النهر هو الموضوع الأساسي في النص.
يدلّ على ذلك تكرار لفظ النهر ومشتقّاته في المقاطع، مثل قول الشاعر:
«لله نهر سال في باء»، «عبرنا سماء النهر»،
«فوق الغدير»، «مررنا بشط النهر». كما تكثر الألفاظ
المرتبطة به مثل: الغدير، اللجين، الماء، الحباب، الشط، المجرى… وكلّها تؤكد أن النهر هو محور الوصف.
2- أيّ الحواس اختار الواصف لتصوير النهر؟ وما أثر ذلك في ما أنشأ من صور؟
اختار الشاعر أساسًا حاسة البصر في وصف لمعان الماء، و«ذهب الأصيل على لجين الماء»،
و«الجو مشرق»، كما حضر شيء من حاسة السمع في حركة الريح وخرير الماء. هذا المزج بين
الحواس جعل الصور الشعرية حيّة محسوسة، فيرى القارئ ألوان المشهد ويلمس حركته فيتعمّق
انفعاله بجمال الطبيعة.
3- حدّد أبرز الحقول المعجمية المستخدمة في القطع، وبيّن دورها في إدراج هذه النصوص ضمن ثقافة أندلسية.
من أبرز الحقول المعجمية:
- حقل الماء: نهر، غدير، ماء، حباب، لجين، مجرى.
- حقل النبات والخضرة: الزهر، الغصون، الأيك، الحدائق، الأشجار.
- حقل الضوء والألوان: الأصيل، الشمس، ذهب، فضة، زرقاء، مشرق.
تُبرز هذه الحقول وفرة الماء وكثافة الخضرة في الأندلس، وتجعل النصوص مُنغرسة في بيئة أندلسية خصبة تميّزت بالأنهار والحدائق والظلال الوارفة.
4- قارن بين موقع الواصف في نص ابن خفاجة وموقعه في نص ابن العطّار.
في نص ابن خفاجة يبدو الواصف متأمّلًا منبهرًا يقف أمام النهر موقف العاشق
المتفرّج، يصف تفاصيله بهدوء ورقّة. أمّا في نص ابن العطّار فيحضر الواصف داخل الحدث:
«عبرنا سماء النهر»، فيصبح جزءًا من المشهد، يشاركه الصحب العبور والمتعة،
فيغدو الوصف مقرونًا بتجربة إنسانية جماعية لا مجرّد تأمّل فردي.
طريقة الوصف
5- بيّن كيف يجري الوصف في النصوص على طريقتين: عرض مكوّنات النهر وسماته من ناحية، وعرض ما يجاوره من عناصر الطبيعة من ناحية أخرى.
من جهة أولى يصف الشعراء مكوّنات النهر نفسه: صفاء الماء، جريانه، لمعانه،
لون سطحه، الحباب الذي يعلوه. ومن جهة ثانية ينتقلون إلى وصف ما يحيط بالنهر من
حدائق وأشجار وظلال وغصون ونسيم. هاتان الطريقتان تتكاملان في بناء لوحة طبيعية متناسقة، حيث
يتداخل النهر مع ما يجاوره ليكوّنا مشهدًا واحدًا منسجمًا.
غنائية الشعر
6- استخرج مواطن التعبير عن المشاعر في النصوص.
من مواطن التعبير عن المشاعر عبارات التعجّب مثل:
«لله نهر سال في باء»، «لله بهجة منزه»،
وهي صيَغ تفيد الإعجاب والانبهار. كما توحي الألفاظ الراقية مثل: البهجة، اللجين، الذهب، زرقاء،
البُرد، الظلال… بحالة سرور وارتياح وطمأنينة يعيشها الشاعر أمام هذا الجمال الطبيعي.
7- ما قيمة إعلان المتكلّم (أنا / نحن) عن حضوره في الوصف؟
إعلان المتكلّم عن حضوره بضمير «نحن» في قول ابن العطّار
«عبرنا سماء النهر» يجعل النص أكثر غنائية، لأنّ الشاعر لا يكتفي برسم صورة
جامدة، بل يقدّم تجربة عيش مع النهر. فيشعر القارئ أنّه يرافق الشاعر في
عبوره واستمتاعه، فيقوى البعد الوجداني في الوصف.
التقويم :
* ما القطعة التي أعجبتك؟ وبمَ تُعلّل إعجابك بها؟
أعجبتني في هذه النصوص القطعة الأولى لابن خفاجة لأنّ صورها مركّزة ودقيقة؛
فقد شبّه انعطاف النهر بـالسوار ولمعان سطحه بـالفضة،
كما جعل الأشجار من حوله كأنّها «هدب تحفّ بمقلة زرقاء». هذه الصور ترسم لوحة
بصرية رائعة تجمع بين صفاء الماء ورقّة الغصون وتناسق الألوان.
* إلى أي حد يمكن أن نعتبر وصف الأنهار ميزة خاصة بالشعر الأندلسي؟
يمكن اعتبار وصف الأنهار من أبرز مميّزات الشعر الأندلسي؛ لأنّ البيئة
الأندلسية غنية بالأنهار والجداول والحدائق، فوجد فيها الشعراء مادة خصبة للتصوير. لذلك
كرّروا وصف الماء والخضرة والظلال، وجعلوا النهر محورًا أساسيًّا في لوحاتهم الطبيعية،
يعكس رهافة الذوق الحضري وتمتّع الإنسان الأندلسي بجمال المكان.
الاحتفاظ ب : الحقول المعجمية والدلالة الإيحائية
يتكوّن الحقل المعجمي من مجموعة كلمات تشترك في التعبير عن موضوع واحد. وقد اعتمد الشعراء هنا حقلًا معجميًّا واسعًا للطبيعة، يتألّف من مفردات مثل: النهر، الغدير، الماء، الحباب، الأزهار، الغصون، الأيك، الحدائق، النسيم، الظلال… وتوحي هذه الألفاظ معًا بصورة أندلس خصبة مترعة بالماء والخضرة والبهجة، فيتحوّل النهر من مجرّد عنصر طبيعي إلى رمز للحياة والجمال والأنس.
التوظيف :
اختر صورة شعرية من أحد النصوص الأربعة وعبر عن موقفك منها مستهلاً قولك بتعجّب.
ما أبدع صورة الشاعر في قوله: «ذهب الأصيل على لجين الماء»؛ فقد صوّر انعكاس
أشعّة الشمس وقت الأصيل على صفحة النهر كأنّها ذهب ينساب فوق فضّة، فجمع بين
لونين نفيسين ليعبّر عن روعة المشهد، وكأنّ الطبيعة قد لبست حُلّة من الحُليّ الثمينة.

0 commentaires
Enregistrer un commentaire