mardi 4 novembre 2025

شرح نص وصف النار - ثالثة ثانوي آداب - الشعر الأندلسي

شرح قصيدة وصف النار في الشعر الأندلسي

التقديم :

تتكوّن هذه القطعة من ثلاث مقطوعات وصفية لأعلام من شعراء الأندلس: ابن خفاجة وابن صارة الشنتريني. تنتمي النصوص إلى شعر الوصف، وقد خُصِّصت لتمثيل مشهد النار في الليل وما يحيط بها من ظلّ ودخان وجلسة أنس. يركّز الشعراء على إبراز جمال هذا العنصر المخيف في الأصل، فيحوّلونه إلى لوحة ضوء ودفء وبهجة.

الموضوع :

يصوّر الشعراء الأندلسيون في هذه المقطوعات مشهد النار في ليالي البرد، فيتتبّعون لونها وحركتها ودخانها وانعكاس نورها على الوجوه والثياب، ويحوّلونها من مصدر خوف واحتراق إلى مصدر دفء وأنس وطرب في مجلس شراب أو سَمَرٍ ليلي.

التقسيم :

  1. نار ابن خفاجة

    • وصف لون النار (حمراء، شقراء) وصراعها مع الظلام.
    • الدخان كسحابة سوداء تعلوها، وزفرات النار وغضبها.
  2. النار في المقطوعة الأولى لابن صارة

    • النار جمر في الكوانين، مرصّعة بالفضة كالدرر.
    • حركة اللهب كرقص فتاة في غلالة حمراء وسط مجلس شراب وأنس.
  3. النار في المقطوعة الثانية لابن صارة

    • تشبيه النار بياقوتية ذهبية يهيم بها الناظر.
    • شررها كنجوم الليل، وأثرها في تخضيب الثياب والوجوه كالثمر الناضج.

الإجابة عن الأسئلة :

الفهم :

وضعية التلفظ

1- بين مظاهر حضور المتكلم في النصوص؟
يحضر المتكلّم في المقطوعات من خلال:

  • ضمائر المتكلّم والجمع: لو ترانا، قلت، لي.
  • أفعال القول والنداء: خبروني عنها، دعوا لامرئ القيس.
  • تعليق الشاعر على المشهد وتقييمه: يهيم بها المغرور، لو ترانا من حولها...

كل ذلك يدلّ على أنّ الشاعر لا يصف النار فقط، بل ينخرط هو نفسه في المشهد ويتوجّه بالكلام إلى السامعين.

2- قارن بين نص ابن خفاجة ونصي ابن صارة الشنتريني على مستوى حضور المتكلم في الشعر، وبين نصي ابن صارة على مستوى حضور المخاطب فيه.
في نص ابن خفاجة يكاد حضور المتكلّم يضعف؛ فالشاعر يركّز على النار ذاتها، فيصف لونها ودخانها وحركتها وصفًا موضوعيًّا هادئا، وكأنّه يتوارى وراء الصورة. أمّا في نصّي ابن صارة، فإنّ المتكلّم حاضر بقوّة من خلال الخطاب المباشر (خبروني، لو ترانا)، فيجعل من وصف النار مشهدًا جماعيًا يشارك فيه هو وأصحابه والقرّاء، فيلتقي حضور المتكلّم مع حضور المخاطَب في أجواء الأنس والشراب.

مسالك الوصف

3- لمَ استخدم الشاعران الصفات والكنايات في تسمية النار؟
استُعملت الصفات والكنايات لتلطيف صورة النار وتجميلها:

  • سمّاها الشعراء: حمراء، شقراء، ياقوتية، ابنة الرند، حاجب الشمس
  • تجنّبوا تكرار لفظ "النار" المباشر لما يحمله من خوف واحتراق.
  • حوّلوا النار إلى جمر، درّ، سبائك، فتاة ترقص… فبدت لطيفة بهيّة محبّبة إلى النفس.

4- استخرج مواطن التوافق ومواطن الاختلاف بين الشاعرين في تصوير النار وفي التعبير عنها.
مواطن التوافق:

  • كلاهما يركّز على اللون والضوء والحركة في وصف النار.
  • تحضر النار في النصوص الثلاثة في ليلٍ مظلم فتشقّ الدجى بضوئها.
  • تتحوّل النار إلى عنصر جمال وأنس لا مجرّد أداة طبخ أو تسخين.

مواطن الاختلاف:

  • ابن خفاجة يميل إلى إبراز قوّة النار وهيبتها (محنق، مغضب، تنازع الظلام، دخان كسحاب).
  • ابن صارة يميل إلى تصويرها في جوّ حضريّ مترَف (الكوانين، الفضة، الكيميا، مجلس الصهباء).
  • المقطوعة الثالثة تشدّد على البعد الجماليّ والزخرفيّ (ياقوتية ذهبية، تخضيب الثياب والخدود).

5- بم تختص النار في النصوص؟ وهل من تعارض بين سماتها في الشعر وسماتها في الوجود الموضوعي؟ وما القصد من ذلك؟
تختص النار في هذه النصوص بكونها:

  • مصدر دفء وأنس في ليالي البرد.
  • منظرًا جميلًا تلمع ألوانه وتتراقص ألسنته.
  • مركزًا للجلسة يلتفّ حوله الأصحاب للشراب والحديث.

في الواقع الموضوعي، النار تحرق وتدمّر، لكن الشعراء غيّروا زاوية النظر فجعلوها رمزًا للدفء واللذّة. لا تعارض حقيقيًّا، بل هناك تخييل شعري يختار من النار جانبها المضيء ليعبّر عن حاجات الإنسان إلى الألفة والحياة. القصد هو إبراز قدرة الشعر على ترويض الواقع القاسي وتحويله إلى مصدر جمال ومتعة.

6- بيّن تضافر الألوان والظلال والأنوار في تصوير النار.
اعتمد الشعراء على لوحات لونية متكاملة:

  • ألوان النار: حمراء، شقراء، حمـراء، ياقوتية ذهبية، بيضاء.
  • ألوان الليل والظلّ: الظلام، الدجى، عجاج الأكمة، ظلّ الماء.
  • الأنوار المقارنة: نجوم الليل، حاجب الشمس، الدراري.

تداخل هذه الألوان والظلال والأنوار جعل صورة النار حركةً حيّة في عمق الظلام، وخلق توازنًا بين العتمة والنور يزيد المشهد إشراقًا وفتنة.

التقويم :

* إلى أي حد ورد الشعر في النصوص الثلاثة رمزيًا في تناوله موضوع النار؟
النار في هذه النصوص ليست مجرّد ظاهرة ماديّة، بل هي رمز لمعانٍ أخرى:

  • ترمز إلى الدفء الروحي الذي يجمع الأصحاب حولها.
  • ترمز إلى اللذّة والطرب في مجلس الصهباء.
  • ترمز أحيانًا إلى الشوق الملتهب وإلى حرارة الحياة في قلب الليل البارد.

لذلك يمكن القول إنّ الشعر في هذه المقطوعات يتناول النار تناولاً رمزيًّا يجاوز معناها الحسيّ المباشر.

* هل تجد في المقطوعات صدى لحركة تجديد الشعر في القرن الثاني؟ بيّن ذلك.
نعم، تظهر في هذه النصوص ملامح واضحة من تجديد الشعر الأندلسي:

  • الاهتمام بمشاهد الحياة اليوميّة البسيطة (الكوانين، الموائد، مجلس الشراب) بعد أن كان الشعر ينصرف إلى الفخر والمدح والحرب.
  • العناية الدقيقة باللون والضوء والحركة، أي بالتصوير الفنّي أكثر من المعنى المباشر.
  • استحضار مظاهر الحضارة الأندلسية: آنية الفضة، صناعة الكيميا، الترف والنعمة.

كلّ ذلك يدلّ على خروج الشعراء عن تقليد الجاهليّين في موضوعاتهم وصورهم، مع الحفاظ على الوزن والقافية، وهذا من روح التجديد.

الاحتفاظ ب : التخييل الشعري

التخييل الشعري هو قدرة الشاعر على التأثير في انفعالات المتقبِّل بإيهامه بصدق الصورة الشعرية. وتُعدّ هذه المقطوعات مثالًا واضحًا على ذلك؛ إذ يأخذ الشعراء مشهدًا عاديًا (نارًا في كانون أو في فلاة) فيحوّلونه إلى لوحة سحرية مليئة بالألوان والحركة والدلالات الرمزية:

  • نرى النار كأنّها فتاة ترقص في غلالة حمراء.
  • أو كأنّها ياقوتية ذهبية تفتن الناظر.
  • أو كأنّ شررها نجوم الليل تتناثر في السماء.

بهذه الصور المتخيَّلة ينجح الشعر في جذب القارئ، ويجعله يصدّق ما يراه في الخيال، فيحسّ باللذّة الجمالية رغم معرفته بأنّ النار في الواقع شيء مختلف تمامًا.

التوظيف :

في بيت «لابنة الرند في الكوانين جمر» استعمل الشاعر الكناية في تسمية النار، وهو وجه بلاغي يقوم على ذكر شيء يُراد به غير لازمه. ما الهدف من هذه الكناية؟ واذكر مثالاً لكناية تلطيف من محفوظك.
سمّى الشاعر النار «لابنة الرند»، وهي كناية تلطيف عن النار؛ إذ شبّهها بفتاة جميلة منسوبة إلى شجرة الرند ذات الرائحة الزكية، فتجنّب لفظ "النار" وما فيه من خشونة وخوف، وقدّمها في صورة لطيفة محبّبة تناسب جوّ الأنس.

مثال من محفوظنا عن كناية تلطيف:

  • قولنا: «انتقل إلى رحمة الله» كناية عن الموت، استُخدمت لتلطيف وقع اللفظ في نفوس السامعين.
  • ويمكن أن نقول: «قليل ذات اليد» كناية عن الفقر، تجنّبًا للتصريح بما يجرح الشعور.

0 commentaires

Enregistrer un commentaire