mercredi 5 novembre 2025

شرح نص المقامة البغدادية - ثالثة ثانوي آداب - مقامات الهمذاني

شرح المقامة البغدادية

التقديم :

المقامة البغدادية لبديع الزمان الهمذاني نموذج من فن المقامات القائم على السرد المسجوع والحيلة الطريفة، يرويها عيسى بن هشام في جوّ حضريّ ساخر، ويعرض من خلالها مكر المحتالين وسذاجة بعض الناس في سوق بغداد.

الموضوع :

تصوّر المقامة حيلة عيسى بن هشام في خداع سوادي بسيط ليدفع ثمن الطعام بدله، في إطار ساخر يكشف الذكاء الاحتيالي في المدينة مقابل بساطة الريف.

التقسيم :

  1. الرغبة في الطعام والخروج من بغداد

    • إعلان عيسى بن هشام شهوة الأرانب وافتقاره إلى المال.
  2. لقاء السوادي واستدراجه

    • التظاهر بمعرفته القديمة به، والإلحاح على مناداته «أبا زيد» بدل «أبي عبيد».
  3. تنفيذ الحيلة في الحانوت

    • الإكثار من الطلبات من شواء وحلوى وماء بارد، ثم التملّص وترك السوادي في مواجهة صاحب الحانوت.
  4. انكشاف الخدعة والخاتمة الموعظة

    • ضرب السوادي وإلزامه بالدفع، ثم إنشاد البيتين اللذين يدعوان إلى السعي للرزق.

الإجابة عن الأسئلة :

الفهم :

بنية المقامة

1- قسم متن المقامة بالاعتماد على تغيّر الشخصيات الفاعلة.
– عيسى بن هشام يقدّم نفسه ويروي رغبته في الأرانب.
– دخول شخصية السوادي (أبو عبيد) وبداية الخدعة والحوار معه.
– حضور صاحب الشواء والحلوى عند الأكل والمطالبة بالثمن.
– عودة صوت الراوي في الخاتمة مع البيت الشعري الموعظي.

2- غاب أبو الفتح الإسكندري في هذه المقامة، فما أثر ذلك في بنيتها؟
غياب أبي الفتح جعل عيسى بن هشام يتولّى دور البطل المحتال لا مجرّد الراوي، فصار هو الذي يخطّط للحيلة وينفّذها، مما جدّد بناء المقامة وأضفى حيوية على الأحداث.

3- استجلِ العلاقة بين إيقاع النص في بعض أقسامه (السرد والوصف، التراكيب والأساليب...) وإيقاع الأحداث (الحركة والسكون، السرعة والبطء...).
الإيقاع في البداية بطيء يميل إلى السرد والوصف لتهيئة الموقف، ثم يسرع مع الحوار وكثرة الأفعال عند الأكل والمطالبة بالثمن، فيعكس حركة المحتال والضحية، ثم يعود إلى هدوء نسبي في الخاتمة مع العبرة الشعرية.

4- تتبّع تطوّر الحوار بين ابن هشام والسوادي مستجليًا سمات المتحاورين.
يبدأ الحوار بودّ زائف من عيسى وسذاجة من السوادي، ثم يتحوّل إلى حوار استدراج وإلحاح على الضيافة، لينتهي بصدام بين السوادي وصاحب الشواء بعد اختفاء عيسى؛ فيظهر عيسى ذكيًّا ماكرًا، والسوادي طيّب القلب قليل الفطنة.

5- ما هي ألوان التحيل التي اعتمدها للإيقاع بالسوادي؟ وما خطته في تنفيذها؟
اعتمد التظاهر بالمحبّة والقرابة القديمة، وتكرار مناداته بكنية «أبي زيد»، ثم جرّه إلى الأكل في الحانوت والإكثار من الطلبات، وأخيرًا التخلّص من الموقف وتركه وحيدًا أمام صاحب الشواء ليدفع الثمن.

6- حلّل ثنائية الظاهر الهزلي والباطن المأساوي في هذه المقامة وأبرز أبعادها.
ظاهر المقامة مشهد مضحك فيه مفارقات لفظية ومواقف ساخرة، لكن باطنها يكشف جانبًا مأساويًا يتمثّل في استغلال الذكي للبساطة والفقر، وفي انتشار الخداع في المجتمع الحضري؛ فهي تُضحك القارئ وتدعوه في الوقت نفسه إلى نقد هذه السلوكات.

التوظيف :

تتبّع في هذه المقامة استعمال عيسى بن هشام لكنية السوادي «أبي زيد»، وبيّن مدى توفّق الكاتب في توظيفها.
يكرّر عيسى بن هشام مناداة السوادي بكنية «أبي زيد» مع أنّه يصرّح بأنّه «أبو عبيد»، فينشأ عن هذا التكرار سوء فهم طريف يهيّئ للحيلة ويُضحك المتلقي. وقد وُفِّق الكاتب في استغلال هذه العبارة الثابتة لخلق جوّ هزلي وإبراز سذاجة السوادي ودهاء عيسى في آن واحد.

اذكر أمثلة مشابهة من نصوص هزلية (نوادر / مقامات / مسرحيات...).
من الأمثلة: نوادر جحا القائمة على سوء الفهم وتكرار لفظ معيّن، وبعض مقامات الحريري، وكذلك المسرحيات الكوميدية التي يُبنى فيها الضحك على الالتباس في الأسماء أو العبارات.

التقويم :

* ما رأيك في سلوك عيسى بن هشام في هذه المقامة؟
سلوكه ماكر وغير أخلاقي؛ استغلّ بساطة السوادي ليأكل على حسابه، واستعمل ذكاءه في الخداع بدل العمل الشريف، لذلك يبدو سلوكه مدانًا أخلاقيًا رغم طرافة الموقف أدبيًا.

* هل تجد في تعامل عيسى بن هشام الحضري مع السوادي / البدوي تقابلاً بين قيم حضارية جديدة وأخرى بدوية أصيلة؟ وضّح ما تذهب إليه.
نعم؛ يمثّل عيسى بن هشام الحضري قيم المدينة القائمة على الحيلة والمنفعة، في حين يمثّل السوادي قيم البساطة والصدق والكرم الريفي. ومن خلال هذا التقابل ينتقد النصّ حضارةً تستعمل الذكاء في الخداع، ويُبرز في المقابل نقاء القيم البدوية الأصيلة.

الاحتفاظ ب :

من أوجه الطرافة في المقامة البغدادية اتحاد الراوي بالشخصية الرئيسة؛ إذ يحلّ عيسى بن هشام محلّ بطل المقامات المعروف (أبي الفتح الإسكندري)، فيتولّى بنفسه تدبير الحيلة وتنفيذها، متجاوزًا دور الراوي الناقل للأحداث إلى دور الشخصية الفاعلة التي تستمتع بثمار الخدعة؛ وهو ما يثري البناء الفنّي ويمنح المقامة بعدًا هزليًا ساخرًا.

0 commentaires

Enregistrer un commentaire